اخر الاخبار

آخر الأخبار

أغاني المرأة الريفية في وصاب..

إضافة تعليق

تفاصيل المنتج

< عندما نحلق بمخيلتنا نحو الجبال الشاهقة هذا الوجود , لابد وأن يرتسم في ذاكرتنا نوع من قسوة الطبيعة وألق المكان .. أما وأنت في وصاب فتخيل نفسك ممسكاً بالطير وهو يمر بمحاذاتك في قمم الجبال .
وهناك تدرك أن الطبيعة لاتخفي جمالاً أوجده الخالق ومن حق الإنسان الاستمتاع بما حباه الله من مناظر تمازجت فيها أصوات العصافير مع مفرداته المكملة للإنسان والمكان .. إذ أن التواجد في أعالي قمم وصاب وسفوح وديانها يعني أنك في أجازة مع الروح ومع وجدانيات ما صيغ من كلمات مغناة تعمق الجمال من أجل صورة تشكل تناغماً أخاذاً يسترسل من خلاله الإنسان في ذكرياته عبر ما وضع من لمسات سنوات الماضي الذي أهداه أجدادنا ألينا بحب ممزوج بالقدرة عل التوغل في حقب التاريخ وقسوة المكان وذكريات العمر ..

>أغاني المرأة الريفية في وصاب
أحياناً نشعر من خلال غزارة الموروث الشعبي بغناء الفكر بكثير من وجدانيات حزينة في كل أمم الأرض وحظيت المرأة لنفسها من نماذج المعاناة والفرح انعكست على أغاني اللوعة المصحوبة بالمعاناة التي مرت بها المرأة في حياتها وبخاصة في فترات الظلم الذي سادت في الماضي .. وظهر ذلك في أغانيها الشعبية ولأن الحديث يكتسب خصوصية لمنطقة وصاب التي اخترناها ندلف إلى أغاني المرأة التي سجن عنها زوجها وابنها وحبيبها فكانت “قلعة الدن ” بالنسبة لوصاب المكان الذي يقاد إليه الناس من أجل سجنهم سيما في فترات حكم الأئمة ومن ذلك نذكر قول المرأة الوصابية المشفوع بالتوسل :
يا ابن الإمام ما بش بيس نهب لك
فك القيود للعاشقين ثواب لك
طبعاً عكست هذه الأبيات بؤس الحال وفراق المرأة لحبيبها المسجون أيام الإمام إلا إن المقاطع الشعرية التي كانت ترددها النساء تخفي في طياتها الألم على الحال والحزن ومنها القول :
هنيت لك يا ربح يا مبرطم
لابو عليك دولة ولاتسلم .
والقصد من القول أن القرد أحسن حالاً من الإنسان يتحرك بحرية تامة عكس الإنسان , ولا يطلب منه تسليم الجبايات ولا يعتريه الهم ومفردة “مبرطم ” تعني شجرة يأكل منها القرد .
وتزداد الحسرة عند المرأة وتبدأ بمناجاة السحاب وتخاطبها كشيء محسوس وتوجه لها ما يلي :
ياذي السحاب يا طالعة كراديس
شتخبرك عن حالة المحابيس
وترد السحاب بالقول :
مقيدين مزنجرين معاطيش
فدليل القسوة واضح من خلال الرد..
وما يجدر الإشارة إليه حتى يتضح المعنى معاني المفردات أمثال “كراديس ” أي كثبان و”مزنجرين”تعني أنهم مضاف لهم قيود لقيودهم السابقة .
لكن المفارقة التي تبعث على التساؤل أن المرأة هي التي رسمت بشعرها في أرجاء اليمن قديماً نمطاً يوضح طبيعة المعاناة التي يمر بها الرجل وكانت لسانه المعبر عن معاناته في سياق هذا الحال .. لكن عندما يترك الحديث المتجذر خصوصية للمرأة فإن ذلك يشكل إيذاناً بأن تفصح عن مكنون نفسها في أغانيها الشعبية الفرائحية التي تتقد حباً وهياماً .. لذلك لابد من الإشارة لأغاني المرأة العرائسية التي يطلق عليها عند نساء وصاب “النفس” وربما كانت التسمية صحيحة كون المرأة هناك لا تشعر بالنفس الحقيقي بعد عملها في الأرض إلا في ذلك المكان الذي تجتمع فيه النساء لترديد ما تحفل به قرائحهن وحفلات الزفاف في وصاب في ما يخص المرأة تبدأ في المساء كسمرة تجتمع تلك النسوة من قرى عديدة وفق نظام دقيق يبدأ بالترحيب بالعروسة القادمة , إذ تنشد النساء ألآتي :-
ياصباح الخير عليكم يا صباح الخير بكم
ياصباح الخير عليكم وأسعد الله يومكم
ياصباح الخير وابكر ما تمنيتوا حصل
فتمنيتوا لثريا طلعت جنب القـــــــــــمر
إرحبي عاد قلبك اخضر على الزراعة والبقر
وهذه هي كلمات ترحبيه اكتفينا بمطلعها المهم فيها الإطراء للعروسة والتشبيه المحفوف بالتمني في القول تمنينا لثريا طلعت جنب القمر إشارة للعروسة والعريس .أما خاصية توديع العروسة من بيت أهلها فيكون بصورة الفراق واللوعة بذكريات الأيام التي عاشتها في كنف والدها ووالدتها وتكون المنجاة بهذه الصيغة :-
بسم الله الرحمن على من خرج وابكر
وخاطرك يا بأ وخاطر اجـــــــــواري
وخاطرك يا أمة أنتي وأعمامــــــــــي
حين تدخلي “المنداد” وتحقدي أشغالي
يا خي الصغير ياخي هاك  مصاحيفك
ياخي الكبير ياخي هاك مفاتيحـــــــــك
كنت أحسبة بيتي واليوم هو بيتـــــــك
من تلك الكلمات الباعثة على الحزن تبرز إلينا بعض الألفاظ التي حرصت على نقلها كما هي رغم عدم معرفتها من البعض باعتبار اختلاف التراكيب للفظية فمفردة “هاك” تلك و”خاطرك” تعني الوداع و”المنداد” المطبخ و”تحقدي ” أي تتذكري إنما ما يبعث على احترام التراث هي عملية المدح التي تسترسل النساء فيها وتعدد الأشياء المحيطة في مكان العروسة الجديد وتبدأ التراتيل في بداية “السمرة ”
بما يطلق عليه بالتمسية بداية “السمرة” والثناء يكون للقادم بالقوال الآتي :-
تعني مفردة “سمرة ” سهرة
يامساء العافية دخلت دار الحمامي
اللهوج من حديد والباب قبلي يماني
والدرج ملوية منقوش بالزعفراني
والخشب شمعدان والقير مرجان حُماني
وهذا الخطاب موجه من قبل مجاميع النسوة القادمات مع العروسة وترد عليهن نساء أهالي العروس بالقول :-
وارحبين ياحمام وعشر الله خطاكن
وارحبين كلكن وعمروا من دعاكن
واجلسين مجلس الضيف لايغبر كساكن
وكساكن حرير أما المصاون رداكن
طبعاً ما يمكنني الإشارة إليه هو ورود بعض الألفاظ ومعناها على النحو التالي
“اللهوج” أي النوافذ “يغبر” أي يتسخ “المصاون” الحجابات ثم إن عمر هذه الكلمات قرون وما تزال محفوظة عند عدد من الأمهات ويتضح ذلك من خلال بعض الألفاظ القديمة أمثال “مصاون” أي الرداء الذي تحتجب به المرأة .. وما يدعو للحزن أنك وأنت تسأل عن هذا الموروث تلاقي صعوبة بالغة في انتزاع هذه الكلمات ,فالبعض يسخر منها وآخر يقول هذا كلام سخيف وكثير ممن امتهنوا الجهل في قبر تراث الأجداد والأمهات ومواريته باتجاه النسيان والسخرية والخوف من الاندثار.. وهذا ما وجدته علامة تؤكد وقعها القاسي في حماية تراث الأوائل من أغاني المحراث والمهايد والمهاجل والحال..
ثم أن عدم الوعي عند جيلنا الحاضر قد ساهم في اندثار كثير من المظاهر التي تشكل رابطاً قيمياً للماضي والمستقبل وقد استبعدت المرأة من أغانيها الهم الريفي وأصبحت تردد في أفراحها كلمات دخيلة حتى على البيئة المحلية لا تحمل معنى ولا تجسد واقعاً حياتياً للمجتمع .

منتجات مماثلة

7998489289975532217

إضافة تعليق